صورة من حرائق كولورادو في الولايات المتحدة وهي تأتي على 8000 هكتار من الغابات خلال أول 5 ساعات من الحرائق تصوير Malachi Brooks للاستخدام المتاح على موقع Unsplash
حرائق غابات مبكّرة في سوريا: تقنيّات الإنذار المبكّر وطرق الوقاية
المقدمة
شهدت جبال محافظة اللاذقية شمال غربي سوريا في السابع من أيار/مايو عام ألفين وخمسة وعشرين موجة حرائق غابات واسعة النطاق وغير مسبوقة من حيث التوقيت المبكّر والحجم، حيثُ اندلعت النيران في منطقة جبل التركمان التابعة لناحية ربيعة شمال المحافظة والمحاذية للحدود التركية، واستمرّت الحرائق أسبوعًا كاملًا حتّى يوم الثالث عشر من أيار/مايو، حيثُ التهمت النيران ما بين ثلاثين إلى أربعين هكتارًا من الغابات الكثيفة في المنطقة.
يُسلِّط هذا التقرير الضوء على تفاقم مشكلة الحرائق المبكّرة هذا العام مقارنةً بالأعوام السابقة، مع تحليل للأسباب الرئيسية الكامنة وراءها، والأضرار البيئيّة والاقتصادية الجسيمة الناتجة عنها. كما يستعرض أحدث تقنيات أنظمة الإنذار المبكّر المعتمدة عالميًّا لرصد الحرائق.
يختتم التقرير بحزمة توصيات عمليّة لتعزيز الوقاية والاستجابة، بهدف تقليل مخاطر تفاقم الحرائق خلال فصل الصيف، خاصّةً في ظل التغيرات المناخيّة المتسارعة.
موقع وتوقيت الحرائق
اندلعت سلسلة من حرائق الغابات في الأسبوع الأول من شهر أيار/مايو عام ألفين وخمسة وعشرين ضمن المناطق الجبلية الساحلية في محافظة اللاذقية، وتركّزت بشكل خاص في منطقة جبل التركمان التابعة لناحية ربيعة شمالي المحافظة والتي تقع على الحدود مع تركيا.
بدأت أولى بؤر الحرائق بشكل مفاجئ يوم الأربعاء الموافق للسابع من أيار، وسرعان ما توسّعت رقعتها خلال الأيام التالية. بحلول يوم الأحد الحادي عشر من أيار كانت النيران قد التهمت ما يزيد على ثلاثين هكتارًا من الغابات الجبلية الكثيفة في ريف اللاذقية.
وجاءت هذه الحرائق في وقت مُبكّر عن المعتاد؛ إذ تزامنت مع موجة جفاف مستمرّة وارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة، فقد سجّل الساحل السوري نحوعشرين حريقاً خلال شهر آذار/مارس الماضي فقط، ممّا يشير إلى بداية مبكّرة لموسم الحرائق هذا العام.
العوامل المناخية والبيئية المساهمة في اندلاع الحرائق
على الرغم من استمرارالتحقيقات لتحديد السبب المباشر لاندلاع حرائق مايو/ أيارعام ألفين وخمسة وعشرين في اللاذقية، فإنّ العامل البشري يظلُّ أحد الاحتمالات الرئيسيّة سواء كان ذلك بشكل مُتعمَّد أو نتيجة للإهمال. إذ تشير الإحصاءات إلى أنّ معظم حرائق الغابات في سوريا تعود في أصلها إلى أنشطة بشريّة.
ساهمت الظروف المناخية القاسية، وخاصّةً الجفاف الشديد وارتفاع درجات الحرارة وانخفاض معدّلات الهطول المطري خلال فصل الربيع في تفاقم حرائق الغابات في جبال اللاذقية خلال مايو/ أيار. وقد أدّت هذه العوامل مجتمعة إلى جفاف مبكّر للغطاء النباتي، ما رفع بشكل كبير قابليته للاشتعال وسرّع من معدّل انتشار الحرائق. وعزّزت الرياح الشرقية العنيفة والجافة من توسع رقعة النيران، بينما شكَلت التضاريس الوعرة عائقًا أمام فِرَق الإطفاء، ممّا زاد من تعقيد عمليات السيطرة على الحريق. كما أسهمت عوامل غير تقليدية في تفاقم الأزمة، أبرزها وجود ذخائر غير منفجرة من مخلّفات النزاع المُسلّح، والتي تسبب انفجارها في تعقيد عمليات الإطفاء وتوسيع رقعة الحريق وتعريض سلامة فِرَق الإطفاء والدفاع المدني للخطر المباشر.
حجم الأضرار: المساحات المُحترقة، والتنوع الحيوي، والخسائر البشرية والزراعية
خلّفت موجة حرائق مايو/ أيار عام ألفين وخمسة وعشرين في جبال اللاذقية أضرارًا بيئية جسيمة، خصوصًا في ظلِّ تضاؤل مساحة الغطاء الحرجي المحدودة في سوريا. تُشير التقديرات إلى احتراق مساحة تتراوح بين ثلاثين وأربعين هكتارًا من الغابات الكثيفة بشكل مباشر، مع تأثّر مناطق أُخرى مُجاورة بدرجة أقل. وعلى الرغم من ضآلة هذه المساحة نسبيًّا مقارنةً بحرائق أوسع في دول أخرى، إلا أنّ قيمتها البيئية تفوقُ حجمها بكثير نظراً للندرة الشديدة للغابات في سوريا.
في بلدٍ يُعاني أصلًا من شحِّ الموارد الحرجية، حيثُ لا تتعدّى مساحة الغابات اثنين في المئة من أراضيه، يُشكّل احتراق كل هكتار خسارةً لا تُعوّض. ففقدان عشرات الهكتارات يُعدّ ضربةً موجعة للتنوع الحيوي وصحة البيئة.
ألحقت الحرائق أضرارًا جسيمة بالتنوّع الحيوي في المنطقة، حيثُ التهمت النيران مساحات واسعة من الغابات الجبلية التي تضمُّ أشجارًا مُعمِّرة، يعودُ بعضها إلى مئات السنين. وتُشير التقارير الميدانية إلى احتراق أعدادٍ كبيرة من أشجار السرو والسنديان والصنوبر المعمّرة التي تتميّز بها جبال اللاذقية. ولم تقتصر الخسائر على الأشجار فحسب، بل شملت نظامًا بيئيًا كاملًا كان يوفّر المأوى للعديد من الكائنات ويحمي التربة من الانجراف وكذلك طالت القطاع الزراعي، حيثُ تضرَرت مساحات زراعيّة مجاورة. ولحسن الحظ لم تُسجّل خسائر بشرية.
أنظمة الإنذار المبكر لرصد الحرائق
الرصد المباشر للحرائق عبر الأقمار الصناعية
تُمثِّل تقنيات الاستشعار عن بعد عبر الأقمار الصناعية حجر الزاوية في أنظمة الرصد الحديثة، حيثُ أظهرت كفاءة عالية في: رصد حرائق الغابات، وتتبّع تطورّها الزمني والمكاني، وتوفير بيانات آنية تساعد في توجيه جهود الإطفاء، كما تُستخدم هذه التقنيات في تقييم الأضرار البيئية وتحذير السكان. وهذا ما حدث بالفعل في رصد حرائق جبال اللاذقية، حيثُ كشفت الصور الملتقطة بواسطة القمر الصناعي الأوروبي Sentinel-2 صباح التاسع من أيار/مايو عن تصاعد أعمدة دخان كثيفة من غابات جبل التركمان في ريف اللاذقية، ما شكّل دليلًا قاطعًا على اندلاع حريق واسع النطاق في تلك المنطقة ذات الغطاء النباتي الكثيف.
الشكل (1): صورة من القمر الصناعي سنتنل-2 ترصد الحرائق في جبال اللاذقية.
ولم يقتصر االعمل على تحليل الصور البصرية فحسب، بل شمل أيضًا معالجة متقدّمة لصور الأقمار الصناعيّة باستخدام مؤشّر نسبة الحروق (Normalized Burn Ratio – NBR)، والذي كشف عن اتساعٍ سريع لمساحة الحريق خلال فترة زمنية قصيرة، وعُزي ذلك لعوامل جويّة مساعدة، مثل الرياح القوية، انخفاض مُعدّلات الرطوبة، بالإضافة إلى وفرة المواد القابلة للاشتعال (الغطاء النباتي الجاف).
الشكل (2) : مؤشّر نسبة الحروق (NBR) يظهر المساحات التي توسع فيها الحريق.
وكما تتيحُ صور الأقمار الصناعية إمكانية تحليل حجم الأضرار الناجمة عن الحرائق عبر البيانات الزمنيّة صور ما قبل الحريق وصور ما بعد الحريق، كما توضّح الصورتين التاليتين:
الشكل (3): مقارنة بين صور ملتقطة في تواريخ مختلفة تظهر المنطقة قبل الحريق وبعده بهدف توضيح مدى انتشار الحريق وحجم الأضرار الناتجة عنه.
كما تُسهم التّقنيات والمؤشّرات الطيفية بدور محوري في تمييز المساحات الخضراء عن المناطق المحترقة، ففي الشكل الرابع، يتجلّى حجم الضرر الناجم عن الحريق بتاريخ الحادي عَشَر من أيّار/ مايو من خلال تقنية اللون الطيفي المعكوس.
الشكل (4): تقنية التصوير الطيفي المتقدّم تكشف حجم الضرر التي تُخفيه االصور العادية، حيثُ تُظهرالمناطق المحترقة بشكل أوضح من الطرق التقليديّة.
تُسهم الصور الحرارية (المستمدة بيانات أقمار موديس MODIS التابعة لوكالة الفضاء الأمريكية ناسا)، والمُتاحة عبر منصّات مفتوحة (على سبيل المثال EFFIS) في رصد البؤر الساخنة النشطة. فقد كشف تحليل الصور الحرارية الملتقطة بتاريخ العاشر من أيّار/ مايو عن ظهور بقعة حرارية جديدة قرب منطقة اليونسية الحدودية (شمال محافظة اللاذقية بمحاذاة الحدود التركية).
يُمثّل هذا الرصد المبكر عبر الأقمار الصناعية أهمّية بالغة، حيث يتيح اكتشاف البؤر الحرارية خلال الأوقات الأولى لنشوئها، ما يوفّر لفرق الإطفاء بيانات دقيقة عن موقع الحريق وأماكن انتشاره الدقيقة، ويساعد على الاستجابة السريعة قبل تفاقم النيران.
الشكل (5): بيانات الرصد الحراري من القمر الصناعي MODIS تُظهِر نشوب حرائق جديدة.
التنبّؤ المسبق باحتمالات اندلاع حرائق (رصد حالة الغطاء النباتي وقياس مؤشر خطر الحريق)
إلى جانب الرصد الفضائي المباشر، تلعب أنظمة الإنذار المبكر دورا محوريًّا في التنبؤ الاستباقي، حيثُ تحدّد الأيّام عالية الخطورة وتوقّع احتمالات اندلاع حرائق وتحليل الأماكن الأكثر عُرضةً للخطر. تعتمد هذه الأنظمة على نماذج علمية تدمج بيانات الأرصاد الجوية مع تحليل حالة الغطاء النباتي لقياس مؤشر خطر الحرائق يومياً. ومن أبرز تلك الأنظمة: مؤشّر طقس الحرائق الكندي Fire Weather Index – FWI والذي تتبناها أهم المراكز العالمية مثل ونظام معلومات حرائق الغابات الأوروبي (EFFIS).
يعتمد هذا المؤشر على تحليل متكامل يشمل العوامل الجويّة اليومية (درجات الحرارة والرطوبة النسبية وسرعة الرياح وكميات الأمطار الهاطلة) بالإضافة إلى تقييم محتوى الرطوبة في المواد النباتية المكونة للوقود (كالأعشاب الجافة والأوراق المُتساقطة والأخشاب). بعد معالجة هذه البيانات ضمن نماذج رياضية، يُصدر النظام خرائط تقديرية تظهر درجات خطر الحرائق في كل منطقة بلون تصنيفي (من منخفض إلى شديد الخطورة). فقد أظهر مؤشّر طقس الحرائق الكندي (FWI) أنّ المناطق الحرجية في المحافظات الداخلية (إدلب وحماة وحمص) بلون أحمر قاتم إشارةً إلى خطر الاشتعال المرتفع، بينما ظهرت غابات الساحل السوري بدرجات برتقالية أقل خطورة.
الشكل (6): مؤشّر طقس الحرائق الكندي (FWI).
تُمكِّن هذه المخرجات التحذيرية السلطات من إدارة استباقيّة للمخاطر ورفع درجة التاهّب والاستعداد في النقاط الساخنة (المناطق االحمراء)، حيثُ تُنشَر فِرَقُ الإطفاء الوقائي فيها استباقيًّا قبل اندلاع الحرائق، مع تفعيل حِزمة إجراءات احترازية (حظر إشعال النار وإغلاق المناطق الخطرة وقد يمتد إلى تعليق الأنشطة الزراعيّة مثل حرق الأعشاب).
الإجراءات الاستباقية لإدارة مخاطر حرائق الغابات في فصل الصيف
في ظلّ استمرار التهديد البيئي وتصاعد التحذيرات المناخيّة مع حلول فصل الصيف 2025 وما يرافقه من ارتفاع حاد في درجات الحرارة، يستدعي تحرّكًا عاجلًا يشمل تعزيز أنظمة المراقبة وتطبيق إجراءات استباقية ووقائية صارمة واتباع توصيات الخبراء لحماية الرقعة الخضراء المحدودة في البلاد.
إجراءات وقائية
تطوير أنظمة الإنذار المبكر والمراقبة المستمرة: الاستفادة القصوى من أنظمة التنبؤ بالحرائق المتاحة
تعزيز التوعية المجتمعية ومنع السلوكيات الخطرة: يؤكّد المختصون أنّ ّالعامل البشري ما يزال سبباً رئيسياً لمعظم حرائق الغابات في سوريا، سواء عبر الإهمال أوالممارسات المتعمّدة. لذلك بات من الضروري إطلاق حملات توعية تستهدف السكان المحليين والمزارعين لتحذيرهم من مخاطر إشعال النيران في العراء خلال فترات الجفاف، وضرورة الامتناع عن حرق المخلّفات الزراعية أو رمي أعقاب السجائر في الغابات. إنّ زيادة الوعي المجتمعي وإشراك المجتمعات المحلية في جهود الحماية سيحدّان بشكل كبير من الحوادث العرضية ويعزّزان ثقافة الحفاظ على الموارد الطبيعية النادرة.
عالمياً، وفي مقدمتها بيانات EFFIS ومؤشر FWI الكندي. ينبغي إنشاء آلية وطنية لمتابعة خرائط خطر الحرائق اليومية التي تصدرها المنصات الدولية، والتنسيق مع هيئة الأرصاد الجوية المحلية لإصدار نشرات تحذير مبكّرة عند توقّع ارتفاع مستوى خطورة الحرائق في منطقة ما. إلى جانب ذلك، يجدر تعزيز قدرات الرصد عبر الأقمار الصناعية (مثل الاستعانة بصور Sentinel-2 وMODIS بشكل دوري) لرصد أي حريق في مراحله الأولى قبل أن يتّسع نطاقه. إنّ المراقبة المستمرة والاستشعار عن بعد يتيحان الكشف الفوري عن أي دخان أو بؤرة ساخنة، وبالتالي تتيح التدخل السريع وفي الوقت المناسب.
كما يمكن تعزيز قدرات الكشف المبكّر عبر نشر شبكة من الأبراج المزوّدة بكاميرات مراقبة متقدّمة، من نمط الأنظمة المستخدمة في Pano AI أو ALERTWildfire، والمبنية على خوارزميات ذكاء اصطناعي لتحليل الصور بهدف رصد مؤشّرات مبكّرة مثل (أعمدة الدخان أو ومضات اللهب).
إلى جانب ذلك، يمكن التفكير في إنشاء شبكات إنذار أرضية تعتمد على مستشعرات ترصد أي ارتفاع غير طبيعي في درجات الحرارة أو مؤشّرات أوليّة على الاشتعال، مما يتيح إصدار إنذار فوري عند اقتراب الخطر. ورغم أنّ هذه التقنيات قد تكون باهظة نسبيًا، إلّا أنّه من الممكن التوجّه بطلب رسمي إلى المنظّمات الدولية البيئية المعنية بحماية النظم البيئية للمساهمة في تمويل هذه المبادرات ضمن إطار التعاون البيئي العالمي.
إجراءات للتصدي للحرائق
- الإغلاق المؤقّت للمناطق الحراجية عالية الخطورة: فرض حظر مؤقت على دخول بعض الغابات والأحراج الأكثر عرضة للاشتعال خلال فترات الذروة الحرارية والجفاف. على سبيل المثال، يمكن إغلاق مساحات من غابات جبال اللاذقية وريف إدلب الغربي ومناطق بين حمص وحماة بشكل احترازي في الأيام التي ترتفع فيها مؤشرات الخطر المناخي. وقد طبّقت دول عديدة ذلك، مثل (الولايات المتحدة وكندا وأستراليا)، حيثُ انتهجت إجراءات مشابهة في مواسم الحرائق، تشمل إغلاق المتنزهات الوطنية ومسارات التنزه عند اشتداد خطر الحريق، ولذلك فإنّ اتباع نهج مماثل في سوريا خلال الموسم الحار قد يكون ضرورة ملحّة لحماية الغابات والسكان معًا.
- تكثيف الدوريات الأرضيّة وعمليات الاستطلاع الجوي: من أبرز الإجراءات الاستباقيّة للحد من تفاقم حرائق الغابات، فكلّما كان توقيت رصد الحرائق مبكّرا، زادت فرص السيطرة عليها وإخمادها بسرعة وفعالية. وتسهم طائرات الاستطلاع بدون طيار (درون) المزوّدة بكاميرات حرارية في مسح مساحات الغابات بشكل دوري ، ممّا يتيح رصد أي شرارة ناريّة فبل تحوّلها لى كارثة. تُشكّل هذه الإجراءات الاستباقية -من دوريات برية وجوية – خط الدفاع الاستباقي الأوّل، إذ تعزّز من سرعة التدخّل وتُتيح التعامل مع الحريق في مراحله الأوّلية، ممّا يُسهم في احتوائه قبل أن بمتدَّ إلى مساحاتٍ واسعة.
الخاتمة
في الختام، تؤكد حرائق أيار 2025 في جبال اللاذقية أنّ سوريا بحاجة مُلحّة لاستراتيجيّة وطنية متكاملة لمواجهة حرائق الغابات، خاصةً في ظل التغيرات المناخية المتسارعة وتراجع الإمكانيّات المحلّية. مما يستدعي تضافر الجهود على جميع المستويات. يقدم التقرير مجموعة من المقترحات لاعتماد نهج وقائي واستباقي، يشمل تعزيز البرامج التوعوية بالإضافة إلى تدريب وتأهيل كوادر مختصّة، وتسخير التقنيات الحديثة في الرصد والإنذار المبكّر، بالإضافة إلى إغلاق المناطق عالية الخطورة خلال فترات الذروة، ورفع جاهزية فرق الإطفاء، ذلك من شأنه تقليل احتمالية تكرار كارثة مماثلة خلال فصل الصيف الحالي. إنَ الحفاظ على ما تبقّى من الغطاء النباتي المحدود في سوريا هو مسؤولية مشتركة، وتستلزم تخطيطًا محكمًا واستجابة عاجلة من الجهات الرسمية والمجتمع المحلّي على حد سواء لضمان حمايته واستدامته.
يمكن للمجلس العلمي السوري أن يلعب دورا محوريا من خلال دعم وزارة الطوارئ والكوارث في تدريب الكوادر التقنية على استخدام أنظمة الإنذار المبكر، وتحليل بياناتها، وتوظيفها بكفاءة في عمليات التخطيط والاستجابة السريعة.
إنّ الوضع الراهن يقتضي تحوّلًا استراتيجيًا من النهج التفاعلي إلى الإداراة الاستباقيّة للكوارث، عبر تبني أحدث التقنيات، وبناء القدرات المحلّية وتعزيز المشاركة المجتمعيّة، وهو مايُعدُّ ضرورة حتمية لحماية الرصيد البيئي المتبقّي وضمان استدامته للأجيال القادمة.
المؤلفون
عبدالله سكر
باحث دكتوراه في هندسة الجيوماتكس بجامعة إسطنبول التقنية، وعلى مشارف نيل الدرجة. يمتلك خمس سنوات من الخبرة البحثية والتطبيقية في مجالات مراقبة الأرض، الاستشعار عن بُعد، ونظم المعلومات الجغرافية، وخصوصاً لتحليل التغيرات البيئية والمناخية. قاد عدداً من المشاريع متعددة التخصصات المعتمدة على البيانات المكانية، وأسهم في تطوير أدوات تحليلية لدعم اتخاذ القرار في سياقات بيئية معقدة.
تدقيق علمي:
د. فاطمة الصالح
تدقيق لغوي:
محمد كرم