مشروع تحول رقمي شامل لإدارة الملفات النصية في الوزارات السورية
مشروع تحول رقمي شامل لإدارة الملفات النصية في الوزارات السورية
الملخص
يستعرض هذا التقرير التحديات المرتبطة بإدارة الأرشيفات النصية في الوزارات السورية، ويهدف إلى تقديم حلول مبتكرة من خلال استخدام النماذج اللغوية الضخمة (LLMs) بهدف تحسين وتحديث العمليات الإدارية. في مواجهة القضايا المرتبطة بمحدودية البنية التحتية التقنية وندرة الكفاءات المتخصصة، يمثل المشروع خطوة جوهرية نحو رقمنة الخدمات الحكومية. يركز المشروع على تطوير البنية التحتية الرقمية، وتدريب الكوادر البشرية على تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتعزيز الإجراءات الأمنية السيبرانية لحماية المعلومات الحساسة.
من خلال تحليل ومراجعة التجارب العالمية الناجحة ووضع خطط تنفيذية قوية، يسعى البحث إلى تقديم إطار عمل فعال يمكن من خلاله دمج تقنية LLMs بما يتماشى مع الاحتياجات المحلية وأفضل الممارسات الدولية. يُتوقع أن تسهم هذه التقنية في رفع كفاءة الخدمات الحكومية، وتحسين دقة وكفاءة اتخاذ القرارات، وتعزيز الابتكار في أساليب الإدارة العامة. تتخطى الآثار الإيجابية للمشروع تحسين الأداء الإداري، حيث تسهم أيضًا في دعم التنمية المستدامة وتعزيز مكانة سوريا في المشهد الرقمي العالمي.
المقدمة
تشهد الوزارات السورية مشكلات هيكلية مزمنة تنتج عن السياسات المركزية والبيروقراطية التقليدية التي اتخذها نظام البعث، مما انعكس سلبًا على كفاءة الإدارة الحكومية. على مدى العقود الماضية. ورغم التطور الحاصل في أساليب الإدارة والتحول الرقمي، لم تشهد العديد من القطاعات تحسينات حقيقية في البنية الرقمية في العقود الأخيرة وظلت تعتمد على وسائل العمل التقليدية التي لا تواكب التطورات السريعة في مجال التكنولوجيا.
إحدى أبرز المشكلات التي تواجه الوزارات السورية بعد سقوط نظام الأسد تكمن في استمرار استخدام الأساليب التقليدية للأرشفة وإدارة الملفات في العقود الأخيرة. تاريخيًا، حافظت أجهزة النظام السابق على البيروقراطية والانغلاق المؤسسي بدلاً من تبني استراتيجيات حديثة. هذه الأساليب التقليدية أدت إلى تراكم الوثائق الورقية دون وجود نظام فعّال لإدارتها أو تحويلها إلى صيغ رقمية، مما يقلل من كفاءة الإدارة ويستهلك الكثير من الموارد والوقت، ويبطء في عملية اكتشاف فساد الجرائم التي تم ارتكابها في عهد نظام البعث
في ضوء التقدم السريع في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، يمكن للنماذج اللغوية الضخمة (LLMs) [1] [2] تقديم حلول فعّالة ومستدامة لهذه المشكلات. تستطيع هذه النماذج تحليل النصوص المعقدة واستخلاص المعرفة منها بدقة وسرعة. يمكن بناء خطة لتحسين نظام إدارة الوثائق في الوزارات لتصبح أكثر كفاءة باستخدام تقنيات حديثة مثل تقنيات التعرف الضوئي على الحروف Optical Character Recognition OCR. نستعرض في هذا التقرير الوضع الحالي لإدارة الملفات النصية في الوزارات السورية، التجارب الإقليمية والدولية الرائدة في التحول الرقمي، وأهمها الإمارات العربية المتحدة، ونقدم بعدها رؤيتنا للحل، وهو مشروع التحول الرقمي الشامل الذي بدأ تطبيق خطوات منه في أحد الوزارات السورية.
الوضع الحالي:
الاعتماد الكبير على الوثائق الورقية: تعتمد الوزارات السورية بشكل كبير على الوثائق الورقية، مما يجعلها عنصراً أساسياً في العمليات الإدارية اليومية. هذا النهج التقليدي يؤدي إلى تراكم كميات كبيرة من الأوراق التي تشغل حيزاً كبيراً، مما يُعقّد عملية تنظيمها وإدارتها. يصبح البحث عن معلومات محددة ضمن هذه الوثائق عملية مرهقة ومعقدة، تستغرق وقتاً طويلاً في ظل غياب الأتمتة وتقنيات التصنيف الرقمي الفعّالة.
غياب البنية التحتية الرقمية المتكاملة: تعاني الوزارات من نقص واضح في الأنظمة الرقمية المتكاملة لإدارة الوثائق بفعالية. حتى مع وجود نسخ رقمية، غالباً ما تكون في شكل ملفات PDF غير قابلة للبحث أو التحليل. يساهم هذا القصور في البنية التقنية في عرقلة أتمتة العمليات الإدارية وصعوبة الوصول إلى المعلومات، مما يعقّد اتخاذ القرارات المعتمدة على البيانات.
ضعف المهارات التقنية: يعاني معظم الموظفين في الوزارات من نقص في التدريب التقني والمعرفة اللازمة لاستخدام الأدوات الرقمية الحديثة. هذا النقص يحد من الاستفادة الكاملة من التكنولوجيا المتاحة ويديم التمسك بالأساليب التقليدية. إضافة إلى ذلك، يقل الوعي بأهمية النماذج اللغوية الضخمة (LLMs) والذكاء الاصطناعي، مما يعوق تبني حلول تقنية مبتكرة لتحسين الكفاءة والإنتاجية.
التحديات الأمنية والسرية: تُعتبر حماية البيانات وسريتها من أكبر العقبات أمام التحول الرقمي الشامل. تثير قضايا الأمان مخاوف حقيقية بين صناع القرار بسبب حساسية الوثائق الحكومية. في الوضع الحالي، تفتقر الوزارات إلى سياسات واضحة وشاملة لإدارة أمن المعلومات، مما يؤثر على إمكانية التحول السريع إلى أنظمة رقمية متطورة.
البيروقراطية المعقدة: ويقصد بها، التفصيل المبالغ به في تقسيم المهام، والنظام الهرمي الصارم في اتخاذ القرار، بالإضافة على المركزية الإدارية في النظام الهرمي والاعتماد على الموافقات الورقية. هذه البيروقراطية المعقدة لا زالت متبعة في الوزارات السورية بالرغم من الاتجاه العالمي نحو الأتمتة والرقمنة، مما يعيق تحسين الكفاءة وتسريع العمليات، حيث تحد الطرق التقليدية من التطورات التقنية والإدارية اللازمة لتحسين الأداء الحكومي.
توضح هذه النقاط التحديات الحالية في أنظمة إدارة الوثائق النصية في الوزارات السورية، مما يستدعي تبني استراتيجية شاملة للتحول الرقمي باستخدام التقنيات الحديثة مثل النماذج اللغوية الضخمة لرفع الكفاءة الإدارية في خدمة أجهزة الدولة والمواطنين وتعزيز القدرة على مواجهة التحديات الإدارية.
التجارب الإقليمية والدولية:
في سبيل تعزيز الكفاءة الحكومية وتحسين جودة حياة المواطنين وتشجيع النمو الاقتصادي، أجرت العديد من الدول تجارب ناجحة في مجال التحول الرقمي[3] . على سبيل المثال، إستونيا، بعد استقلالها في التسعينيات، أنشأت بنية تحتية رقمية متكاملة تُعتبر من الأبرز عالمياً[4] . اعتمدت الحكومة على تقنيات متقدمة في التشفير وblockchain لبناء نظام معلومات رقمي يربط بين جميع المؤسسات الحكومية، مما يسهل تبادل البيانات بشكل آمن وسريع. يُظهر هذا النموذج كيف يمكن لبنية تحتية قوية أن تحقق تحسينات كبيرة في تقديم الخدمات الحكومية.
سنغافورة، منذ بداية الألفية الثالثة، عملت على تقليل الاعتماد على الوثائق الورقية وتعزيز الأرشفة الرقمية. من خلال مبادرات مثل “Go Digital”، ركزت الدولة على استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في معالجة النصوص واستخراج البيانات، مما أدى إلى تحسين كفاءة العمليات الحكومية.[6] [5]
أما فنلندا، فقد ركزت على الابتكار باستخدام الذكاء الاصطناعي وانفتاح البيانات لتحسين عملية اتخاذ القرارات الحكومية، مما ساعد في تحسين دقة القرارات وتقليل الأخطاء البشرية. [7]
أما الإمارات العربية المتحدة فلها رؤية طموحة للتحول الرقمي وتعتبر نموذجاً ريادياً في المنطقة العربية، حيث نجحت في بناء حكومة إلكترونية متكاملة تتيح للمواطنين والمقيمين إجراء جميع المعاملات الحكومية دون الحاجة إلى الأوراق، مما يحقق كفاءة ومرونة عالية في تقديم الخدمات.
عبر منصة UAE Pass، يستفيد أكثر من 11 مليون مستخدم من هوية رقمية موحدة تتيح الوصول إلى أكثر من 5,000 خدمة حكومية وشبه حكومية وخاصة، مع إمكانية التوقيع الرقمي وتبادل الوثائق إلكترونيًا، دون الحاجة لأي أوراق فورية.
أعلنت دبي أنها أصبحت أول حكومة خالية من الورق في العالم، حيث أنجزت استراتيجية “دبي اللاورقية” عام 2021، وتم إيقاف إصدار أو طلب أي وثيقة ورقية من موظف أو مواطن داخل الجهات الحكومية الـ 45 المشاركة، ليتم إدارة جميع المعاملات إلكترونيًا.
وتؤكد المبادرة الاتحادية للحكومة اللاورقية في الإمارات أن الوثائق الورقية لم تُستخدم إلا عند الضرورة القصوى، مما ساهم في إزالة أكثر من 100 مليون ورقة من المعاملات الاتحادية وتوفير الملايين من ساعات العمل وتحقيق رضا يزيد عن 90% لدى المستفيدين.
تُقدم هذه التجارب نماذج ملهمة وفعالة للتحول الرقمي في المجال الحكومي، ولكن تنفيذها في يتطلب معرفة التحديات والقيود المحلية [8]، مثل نقص التمويل والموارد البشرية المؤهلة، والاختلاف في البنية التحتية التكنولوجية. يُعتبر الأولوية في الاقتراح السوري هو بناء الأساسيات من خلال رقمنة الوثائق الحالية، وتدريب الموظفين، وتطوير سياسات أمان البيانات، كخطوة أولى قبل الانتقال إلى استراتيجيات متقدمة تشمل الذكاء الاصطناعي والنماذج اللغوية الضخمة.
لذلك نقترح على الوزارات السورية مشروع “التحول الرقمي السوري”، وهو مشروع بدأ العمل عليه وبدأت الخطوات الأولى لتطبيق التحول الرقمي في وزارة التنمية الإدارية السورية.
أهداف المشروع المقترح:
رقمنة كافة الوثائق الورقية في الوزارات وتحويلها إلى نسخ رقمية قابلة للبحث باستخدام تقنيات التعرف البصري على الحروف (OCR).
تصميم منصة رقمية متكاملة تعتمد على الذكاء الاصطناعي والنماذج اللغوية الضخمة (LLMs) لتنظيم وتحليل البيانات بِكفاءة.
تنفيذ برامج تدريبية شاملة لتعزيز المهارات الفنية للموظفين وتعميق وعيهم بأهمية التكنولوجيا الحديثة في أداء العمل اليومي.
استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل النصوص بدقة واستخراج البيانات، مع التركيز على رفع الكفاءة وتسهيل الإجراءات الإدارية.
تطوير واجهات برمجية (APIs) لربط النظام الجديد بالأنظمة الإدارية القائمة في الوزارات لتعزيز تدفق المعلومات وتجنب تكرار العمل.
الخطة الأولية للحل:
الشكل 1: الهيكل الأساسي لنظام الإدارة الرقمي المقترح.
مرحلة 1: بناء نظام إدارة معلومات مركزي مع ضمان الأمان والسرية للبيانات
في المرحلة الأولى، يتم التركيز على تطوير بنية تحتية لإنشاء قاعدة بيانات مركزية حديثة. يتم تصميم هذه القاعدة لتكون مرنة وقابلة للتوسع لاستيعاب كميات كبيرة ومتزايدة من البيانات بشكل فعّال. بالإضافة إلى ذلك، تُعتبر الأمان والخصوصية عناصر أساسية في تصميم بنية القاعدة، حيث تشتمل على بروتوكولات تشفير قوية وآليات تحكم في الوصول Role Based Access Control RBAC للتأكد من أن البيانات الحساسة محمية من الوصول غير المصرح به.
القاعدة مصممة لدعم أنواع متقدمة من البيانات، بما في ذلك النصوص الكبيرة والمستندات ذات الترابط المعقد. لتحقيق ذلك، تُستخدم تقنيات إدارة البيانات المترابطة التي تتيح تخزين البيانات بشكل منطقي يسهل الوصول إليها واسترجاعها بكفاءة.
بالنسبة لواجهة الاستخدام، فإن تصميمها يركز على السهولة بحيث يمكن للمستخدمين من مختلف المستويات التقنية التفاعل معها دون الحاجة إلى معرفة تقنية متعمقة. يتم دمج واجهة المستخدم مع أدوات بحث وتصنيف متقدمة تمكن من الوصول السريع إلى البيانات والمستندات المطلوبة.
يمثل الأمان والسرية محوراً أساسياً في مشروع الرقمنة. يتم تطبيق تقنيات تشفير متطورة لضمان حماية البيانات وحفظ خصوصيتها من أي تهديدات خارجية. بالإضافة إلى ذلك، يتم تطوير بروتوكولات مصادقة متعددة العوامل للتحكم في الوصول إلى النظام ومراقبة النشاطات المحتملة التي قد تشكل تهديدًا لأمن البيانات، مما يضمن بيئة عمل آمنة وموثوقة.
مرحلة 2: رقمنة الوثائق الورقية
بعد الانتهاء من عملية بناء نظام إدارة المعلومات المركزي، يتم اختيار برامج التعرف الضوئي على الحروف (OCR) المتقدمة التي تتعامل بكفاءة مع النصوص والخطوط المتنوعة الموجودة في الوثائق. ولتحقيق هذا الهدف، يعتمد المشروع على تقنيات OCR التي تم تدريبها محليًا بالإضافة إلى تحسين التقنيات الموجودة لضمان الأداء الأمثل دون الاعتماد على مزودي خدمة خارجيين، وذلك لضمان السرية. كما يُولى اهتمام خاص بالتقنيات الملائمة لمسح الوثائق الهشة لضمان الحفاظ على سلامتها، بحيث تتم معالجة تلك الوثائق بعناية لتجنب أي تلف محتمل أثناء عمليات التحويل. تمثل الوثائق المكتوبة بخط اليد تحديًا إضافيًا لاستخراج النص، ولذلك من الضروري وجود رابط بين النص المستخرج والوثيقة الأصلية لتسهيل عمليات المراجعة لاحقًا. ويجب إجراء تقييمات ومراجعات دائمة للنصوص المستخرجة لضمان تطابقها مع الأصل وجودتها. ونتيجة لذلك، يتم ملئ قاعدة البيانات المصممة في المرحلة 1 من خلال البيانات التي تم رقمنتها بواسطة OCR في هذه المرحلة إضافة الى البيانات القديمة المؤرشفة.
في الخطوة التالية، يتم استخدام النص المستخرج لتصنيف الوثائق وفرزها تلقائيًا في ملفات حسب الموضوع. سيساعد النص المستخرج في عملية التصنيف، كما سيتم استخدام تقنيات التصنيف للصور للتعرف على بعض الوثائق الشهيرة مثل جوازات السفر وبطاقات الهوية وغيرها. تُختتم هذه المرحلة بتحديد نوعية المعلومات والحقول المستهدفة للتحليل أو الاستخراج من هذه الوثائق.
مرحلة 3: استخدام النماذج اللغوية الضخمة (LLMs)
في هذه المرحلة يتم التركيز على الاستفادة من النماذج اللغوية الضخمة (LLMs) مثل GPT وBERT لتحسين معالجة النصوص وتحليل الوثائق بشكل دقيق وسريع. هذه النماذج تستند إلى تقنيات تعلم الآلة المتطورة التي تعتمد على الشبكات العصبية العميقة، والتي تم تدريبها على مجموعات ضخمة ومتنوعة من البيانات اللغوية. تبدأ العملية بتحليل النصوص باستخدام قدرات النماذج اللغوية الضخمة لفهم السياقات والمعاني الضمنية في الوثائق. يتم استخدام النماذج اللغوية لإنشاء تقارير موجزة تقدم ملخصات دقيقة وشاملة للمحتوى الموجود في الوثائق. تعتمد عملية التلخيص على استخلاص الأفكار الرئيسية وتقديمها بشكل منظم، مما يساعد المسؤولين وصناع القرار على الحصول على رؤى سريعة وموضوعية حول المواضيع المختلفة دون الحاجة إلى مراجعة كل التفاصيل. كما يمكن لأنظمة الدردشة الذكية أن توفر استجابات فورية ومتسقة لاستفسارات الموظفين، مما يقلل من أوقات الانتظار ويعزز من رضا المستخدمين عن الخدمات المقدمة.
مرحلة 4: تدريب وتنمية الكفاءات البشرية
تتضمن الخطة تصميم برامج تدريبية مكثفة لتحسين كفاءة الموظفين في استخدام نظام الإدارة الرقمي المقترح وذلك لضمان استغلال الإمكانات الكاملة للنظام الجديد. يتم إعداد وحدات تدريب عملية تتضمن سيناريوهات واقعية، ما يساهم في تحسين تجربة الموظفين العملية وقدرتهم على التعامل مع النظام بكفاءة. كما يتوفر دعم فني مستمر لحل أي مشكلات تقنية قد تظهر، وضمان استمرارية العمل بسلاسة ضمن الأقسام الإدارية المختلفة.
الجدوى الاقتصادية والفوائد:
يقدم نظام إدارة الملفات المقترح فوائد اقتصادية ملموسة من خلال تقليص التكاليف اللوجستية المرتبطة بحفظ الأرشيفات الورقية. عبر التحول إلى الوثائق الرقمية، يمكن تقليل النفقات المتعلقة باستئجار وصيانة مساحات التخزين، وخفض استهلاك المواد كالأوراق والحبر.
بالإضافة لذلك، تسهم النماذج اللغوية في زيادة الإنتاجية من خلال أتمتة بعض الأعمال الروتينية، مما يسمح للموظفين بالتركيز على مهام أكثر تعقيدًا مثل التواصل مع الجمهور وتحليل البيانات المعقدة، مما يؤدي إلى تحسين الأداء الإداري [1]. تعزز النماذج اللغوية من سرعة وكفاءة معالجة البيانات، ما يساهم في تقليل التكاليف المرتبطة بتأخير القرارات وتوجيه الموارد المالية بذكاء نحو المشاريع الأكثر أهمية.
على الجانب العلمي، تتعزز النماذج اللغوية الضخمة من البحث التطبيقي بفضل قدرتها على تسهيل الوصول السريع إلى البيانات، ما يرفع من مستوى التعاون بين الجامعات والمؤسسات العلمية. هذا التعاون يسهم في تحسين جودة الأبحاث عبر إجراء تحليلات نصية معمقة، واكتشاف اتجاهات جديدة في البيانات وربطها بالسياسات الحالية.
إضافةً إلى ذلك، تشجع النماذج اللغوية الضخمة الابتكار العلمي من خلال التحديث المستمر للمعلومات، ما يساعد الباحثين والصناعيين على تطوير حلول مبتكرة للتحديات الحالية، محفزين بذلك عمليات البحث والتطوير وداعمين التنمية المستدامة على الصعيد الوطني.
بشكل ملخص، يمثل استخدام النماذج اللغوية الضخمة في إدارة الوثائق الحكومية خطوة استراتيجية لتحسين الكفاءة الاقتصادية والعلمية عبر تقليل التكاليف، تعزيز الكفاءة، ورفع جودة البحث والابتكار؛ كما يمكن استخدامها في التحليل، استخراج البيانات، أو التفاعل مع الوثائق بشكل تفاعلي.
التحديات المحتملة:
يشمل تطبيق النماذج اللغوية الضخمة في إدارة الملفات النصية داخل الوزارات العديد من التحديات. أولًا، هناك نقص في الكفاءات المتخصصة في مجالات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، مما يتطلب بناء القدرات البشرية وتوفير التدريب المستمر لتحسين مهارات العاملين. إضافة الى ذلك، يمثل التحقق من مخرجات ال OCR و LLMs خطوة أساسية لمنع حدوث أخطاء ناجمة عن تنبؤات غير دقيقة من النماذج اللغوية، وبالتالي ضمان الحصول على درجة عالية من الموثوقية يعد تحديا إضافيا.
الشأن الأمني والسرية يمثلان تحديات كبيرة، خاصة مع التعامل مع كم ضخم من البيانات الحساسة. لذا، يجب أن يشمل تطبيق LLMs أنظمة أمان متطورة وإجراءات صارمة لحماية البيانات من الاختراق.
التكامل مع الأنظمة الحالية يعد تحدياً آخراً، حيث تتطلب عملية الدمج تكييف الأنظمة التقليدية أو إعادة تصميمها لتتناسب مع التقنيات الحديثة. تتطلب ايضا Hardware وقدرة حسابية مناسبة لتشغيلها.
وأخيرًا، يعد التحدي المالي مؤثراً على جميع مراحل المشروع، حيث يتطلب استثمارات كبيرة في البنية التحتية والتدريب وضمان الأمن.
التوصيات:
تشكيل لجنة من الخبراء في الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني لمتابعة المشروع وضمان تحقيق أهدافه.
إجراء تحليل شامل للبنية التحتية الحالية لسد الفجوات التكنولوجية وتعزيز القدرة على تشغيل LLMs بكفاءة.
تصميم برامج تدريبية شاملة لرفع كفاءة الكوادر المحلية في تقنيات الذكاء الاصطناعي.
صياغة سياسات أمان قوية تشمل تشفير البيانات وأنظمة إدارة الهويات للتحكم في الوصول إلى المعلومات الحساسة.
تعزيز التعاون مع الجامعات والمؤسسات البحثية للتمتع بالخبرات المتقدمة وتبادل المعرفة في تطبيقات LLMs.
تحديث الإطار القانوني لدعم تبني التقنيات الحديثة وتسهيل التعاون مع الشركاء وتبسيط الإجراءات البيروقراطية.
الخاتمة:
يستعرض هذا التقرير التحديات المرتبطة بإدارة الأرشيفات النصية في الوزارات السورية، ويهدف إلى تقديم حلول مبتكرة من خلال استخدام الذكاء الصناعي بهدف تحسين وتحديث العمليات الإدارية. يقدم التقرير المشكلة من اتباع الأساليب التقليدية في إدارة الملفات، ويعرض مجموعة أمثلة دولية ومحلية، لدول تبنت الرقمنة في الحوكمة كفنلندا وسنغافورة واستونيا والإمارات العربية المتحدة. وبناء عليه، يقترح التقرير مشروعاً للتحول الرقمي الشامل في الوزارات السورية.
يُقدم المشروع مقاربة مبتكرة لتطوير إدارة الملفات النصية في الوزارات السورية مركزاً على تجاوز التحديات الحالية في البنية التحتية والكفاءة البشرية وتكامل الأنظمة الإدارية. يسعى المشروع إلى تحقيق تحول رقمي شامل يعزز من الأداء الحكومي وفعاليته.
تُعتبر ادارة الملفات النصية خطوة استراتيجية نحو تعزيز الرقمنة الحكومية، وتحديث البنى التحتية الفنية وتحفيز الابتكار العلمي في سوريا. من خلال تحسين دقة وسرعة معالجة البيانات، يُسهم المشروع في تجويد وتفعيل الإجراءات الإدارية ودعم اتخاذ القرار بفاعلية أكبر، علاوةً على تعزيز جودة الخدمات الحكومية.
ويمكن للمشروع تعزيز البحث العلمي بتسهيل الوصول السريع للمعلومات، مما يهيئ البيئة للابتكار ويدفع بعجلة التنمية المستدامة. يساهم هذا المشروع في بناء مستقبل أكثر تقدماً للوزارات السورية، مما يضمن قدراتها في مواجهة التحديات المستقبلية بمرونة وفعالية.
بشكل عام، يُمكن لهذا المشروع تحقيق تحول نوعي في الأداء الحكومي وتوفير نموذج يُمكن تطبيقه في قطاعات أخرى، معزّزًا من قدرة الدولة على الاستفادة من التقدم التكنولوجي لتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين ودعم التنمية الشاملة.
ويجدر الذكر أن الخطوات الأولى لمشروع بدأ العمل عليها، وبدأ تطبيق التحول الرقمي في وزارة التنمية الإدارية السورية بجهود عضو المجلس العلمي السوري، الأستاذ ضياء الدين الهندي، وهو يشغل منصب مدير التحول الرقمي في وزارة التنمية الإدارية. إننا ندعوا بهذا التقرير لتطبيق خطوات مشابهة في كافة الوزارات السورية ويمكن للمجلس العلمي السوري توفير الخبرات العلمية والتدريبية اللازمة لتطبيق المشروع أو لتوفير الاستشارات العلمية للكوادر التي ستطبق المشروع.
المؤلفون:
الدكتور المهندس محمد عبوش، حاصل على درجة الدكتوراه في هندسة البرمجيات والأنظمة، باختصاص تطوير خوارزميات الذكاء الاصطناعي للكشف عن الأخطاء البرمجية خلال مرحلة تطوير و هندسة الأنظمة المعقدة. يعمل حالياً باحثاً لما بعد الدكتوراه (PostDoc) في جامعة كلاوستال بألمانيا، ويركز في أبحاثه على تحسين موثوقية وسلامة الأنظمة البرمجية للسيارات ذاتية القيادة من خلال استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي والنماذج اللغوية الضخمة (LLMs).
المهندس ضياء الدين الهندي، مدير مديرية تقانة المعلومات والتحول الرقمي في وزارة التنمية الإدارية، حاصل على درجة الماجستير في الإدارة الدولية من المانيا، عمل سابقا في عدد من الشركات الألمانية كمستشار و مدير مشاريع تقنية.
المهندس ماهر الرفاعي، مرشح لنيل درجة الدكتوراه في مجال الذكاء الاصطناعي، يعمل حاليا كمهندس وباحث بتطوير خوارزميات الذكاء الاصطناعي وتطبيقاتها الهندسية، جامعة التن باش في تركيا.
المهندس حسن الخضر، مهندس في مجال علوم الحاسب، ومرشح لنيل درجة الدكتوراه بمجال الذكاء الاصطناعي – معالجة اللغات الطبيعية. يعمل حاليا مطور برمجيات في شركة KADE في ميونخ بألمانيا.
التدقيق العلمي:
م. محمد فتّوح
التدقيق اللغوي:
عدنان عبد الله
المراجع:
J. Han, J. Lu, Y. Xu, J. You, and B. Wu, ‘‘Intelligent practices of large language models in digital government services,’’ IEEE Access, vol. 12 pp. 8633–8640, 2024
Y. Chang, X. Wang, J. Wang, Y. Wu, L. Yang, K. Zhu, H. Chen, X. Yi, C. Wang, Y. Wang, W. Ye, Y. Zhang, Y. Chang, P. S. Yu, Q. Yang, and X. Xie, ‘‘A survey on evaluation of large language models,’’ 2023, arXiv:2307.03109
Raiaan, M.A.K.; Mukta, M.S.H.; Fatema, K.; Fahad, N.M.; Sakib, S.; Mim, M.M.J.; Ahmad, J.; Ali, M.E.; Azam, S. A Review on Large Language Models: Architectures, Applications, Taxonomies, Open Issues and Challenges. IEEE Access 2024, 12, 26839–26874..
Margetts, H.; Naumann, A. Government as a Platform: What can Estonia Show the World Research Paper; University of Oxford: Oxford, UK, 2017
Chan, C.M.L.; Lau, Y.; Pan, S.L. E-government implementation: A macro analysis of Singapore’s e-government initiatives. Gov. Inf. Q. 2008, 25, 239–255.
Erh, J. (2023). Singapore’s digital transformation journey. Journal of Southeast Asian Economies, 40(1), 4-31.
O. C. Osifo, “Examining Digital Government and Public Service Provision : The Case of Finland,” in 2018 41st International Convention on Information and Communication Technology, Electronics and Microelectronics (MIPRO), 2018, pp. 1342–1347.
F. Danielsen, ‘‘Benefits and challenges of digitalization: An expert study on Norwegian public organizations,’’ in Proc. 22nd Annu. Int. Conf. Digit. Government Res., Jun. 2021, pp. 317–326