نحو نظام فرز فعال للمرضى في القطاع الصحي السوري: دراسة ميدانية وتجارب دولية
الملخص:
يستعرض هذا التقرير الدور الحيوي لأنظمة فرز المرضى في تعزيز القطاع الصحي السوري، خاصة في أقسام الطوارئ التي تواجه قيودًا شديدة في الموارد نتيجة تدمير البنية التحتية. إن نظام فرز المرضى هو آلية تنظيمية لتقييم وتصنيف المرضى فور وصولهم إلى قسم الطوارئ، بهدف تحديد درجة خطورة الحالة الطبية وأولوية الحصول على الرعاية. يقوم هذا النظام على فحص سريع وشامل للمريض (عادة خلال دقائق قليلة) من قبل كادر مدرّب، بالاعتماد على معايير محددة مثل: العلامات الحيوية، مستوى الوعي، شدة الألم، والأعراض الظاهرة.
يمثل تطبيق نظام الفرز عنصرًا أساسيًا لتعزيز كفاءة استخدام الموارد الطبية المحدودة، وخفض معدلات الوفيات والإمراضية في بيئات الطوارئ. واستنادًا إلى مراجعة منهجية للأدب الطبي، أجرى أعضاء من المجلس العلمي السوري بالتعاون مع جامعة دمشق في حزيران/يونيو 2025 أول دراسة ميدانية بعد التحرير، شارك فيها 230 من الكوادر العاملة في القطاع الصحي بمختلف فئاتهم. كشفت الدراسة عن فجوات كبيرة في تطبيق نظام الفرز، حيث أفاد نصف المشاركين (50%) بعدم وجود نظام فرز للمرضى في مرافقهم. كما تضمنت أبرز التحديات التي تم تحديدها: غياب البروتوكولات الموحدة، نقص الكوادر المدربة، الضغط العالي في بيئة العمل، والتدخلات الخارجية مثل تأثير المرافقين المسلحين.
يعرض هذا التقرير نتائج الدراسة التي أجراها باحثون من المجلس العلمي السوري، ويتبعها باستعراض تجارب دولية في دول خارجة من نزاعات طويلة مثل ليبيريا وبابوا غينيا الجديدة، إضافة إلى أنظمة مطبقة في دول متقدمة مثل المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة. ويختتم التقرير بطرح خطة تنفيذية متعددة المراحل. تشمل الخطة اعتماد نظام فرز وطني موحد، مصمم خصيصًا للسياق السوري، مع برامج تدريب مستهدفة، اختبار تجريبي في مستشفيات مختارة، وتعاون مؤسسي بين وزارتي الصحة والتعليم العالي. يهدف النظام المقترح إلى تحسين كفاءة تخصيص الموارد، وتقليص أوقات الانتظار، وتعزيز المخرجات السريرية، بما يمثل استثمارًا استراتيجيًا في إعادة بناء النظام الصحي السوري.
المقدمة: أهمية نظام فرز المرضى
يعتمد نظام فرز المرضى على عملية تصنيف المرضى بناءً على شدة حالتهم وأولوية احتياجهم للعلاج، وذلك لضمان توجيه الموارد الطبية المحدودة إلى المرضى الأكثر احتياجًا بشكل عادل وفعال. يشمل عادة تحديد المرضى الذين يحتاجون إلى تدخل فوري، والذين يمكن تأجيل علاجهم، والذين لا يتوقع استفادتهم من العلاج بسبب شدة حالتهم أو محدودية الموارد [1-3].
تكمن أهمية نظام فرز المرضى في تحسين نتائج المرضى من خلال تقليل زمن الانتظار للحالات الحرجة، وبالتالي تخفيض معدلات الوفيات، وتحسين كفاءة استخدام الموارد البشرية والمادية، خاصة في البيئات ذات الموارد المحدودة أو أثناء الكوارث. تشير الأدلة من مراجعات منهجية ودراسات في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل إلى أن تطبيق أنظمة الفرز يرتبط بانخفاض معدلات الوفيات وتقليل زمن الانتظار لرؤية الطبيب، مع وجود دليل معتدل الجودة على هذه الفوائد [4, 5].
أما بالنسبة لسوريا، فإن وجود نظام فرز فعاّل للمرضى يُعد بالغ الأهمية نظرًا للظروف الاستثنائية الناتجة عن استعمال الألة القمعية التدميرية من قبل النظام السابق التي أدت إلى النقص الحاد في الموارد الطبيّة والبشرية، وتدمير البنية التحتية الصحية. وبناء عليه فإن تطبيق نظام مرضى فرز موحد وفعّال يساعد في تقليل الوفيات، وتوجيه الموارد المحدودة للمرضى الأكثر استفادة، وتحسين التنسيق بين المرافق الصحية، كما أنه ضروري في ظل التحديات اللوجستية والأمنية التي تعيق نقل المرضى وتوزيع الموارد [6, 7]. توصي منظمة الصحة العالمية (WHO) والهيئات المهنية مثل الكلية الأمريكية لأطباء الصدر (American College of Chest Physicians) بوضع بروتوكولات فرز واضحة وتدريب الكوادر عليها لضمان الاستجابة المثلى في حالات الطوارئ والكوارث [2].
الوضع الحالي لنظام فرز المرضى في أقسام الطوارئ السورية
دراسة محلية: نتائج استبيان نظام فرز المرضى في المشافي السورية
قام أعضاء من المجلس العلمي السوري من لجنة الصحة و بالتعاون مع جامعة دمشق بالقيام بدراسة غايتها تقييم فعالية أنظمة فرز المرضى في أقسام الطوارئ بالمشافي السورية، تحديد التحديات، واقتراح تحسينات لتعزيز كفاءة الرعاية الصحية.
حيث تم القيام بإجراء استبيان الكتروني في شهر حزيران (يونيو) من عام 2025 بعد أخذ موافقة اللجنة الأخلاقية في جامعة دمشق (رقم الموافقة 2025/05/24-2160) ، شارك فيه 230 من العاملين في القطاع الصحي في سوريا، بما في ذلك الأطباء المقيمين، الأخصائيين، الممرضين، وفنيي الرعاية الصحية. شملت الأسئلة المعرفة بنظام فرز المرضى، تطبيقه، كفاءته، التحديات، التدريب، والاحتياجات المستقبلية. وفرت بيانات هذه الدراسة دليلًا ميدانيًا تدعم التوصيات المقدمة في هذا التقرير وتسلط الضوء على التحديات والفرص لتحسين النظام الصحي. نستعرض لكم جزءاً من النتائج:
حول تطبيق نظام فرز المرضى
- نسبة التطبيق: أفاد ما يقارب ال 50 % من المشاركين ( 114 من أصل 230) أن نظام فرز المرضى غير مطبق في أقسام الطوارئ لديهم، بينما أشار ما يقارب ال 38% (88 مشاركًا) إلى أن النظام مطبق بينما أشار 12% (28 مشاركًا) أنهم لا يعلمون بوجوده . هذا يعكس وجود فجوة في التغطية، حيث لا تزال نسبة كبيرة من المرافق الصحية تفتقر إلى نظام فرزمرضى فعال.
- المسؤولون عن فرز المرضى: في المرافق التي تطبق نظام فرزالمرضى، الأطباء هم الأكثر شيوعًا في إجراء عملية الفرز، بينما في بعض الحالات، يتولى موظفو الاستقبال هذه المهمة، مما قد يشير إلى نقص في التخصص.
حول كفاءة النظام الحالي المطبق
قام المشاركون بالاستبيان بتقييم كفاءة الأنظمة الحالية المستخدمة لفرز المرضى، باستخدام مقياس يتضمن الفئات التالية: “ضعيف”، “مقبول”، “جيد”، و”ممتاز”. وجاءت النتائج كما يلي:
- ضعيف (38.2%، 88 مشاركًا):
أشار أكبر عدد من المشاركين إلى أن الأنظمة الحالية ضعيفة الأداء في تقييم خطورة المرضى. - مقبول (33.3%، 77 مشاركًا):
اعتبر ثلث المشاركين تقريبًا أن الأنظمة الحالية تقدم أداءً مقبولًا، لكنها بحاجة إلى تحسين. - جيد (21.9%، 50 مشاركًا):
رأى حوالي خمس المشاركين أن الأنظمة تتمتع بكفاءة جيدة، لكنها ليست مثالية. - ممتاز (6.6%، 15 مشاركًا):
نسبة صغيرة فقط من المشاركين اعتبروا الأنظمة الحالية ممتازة في تقييم خطورة المرضى.
تشير النتائج إلى أن غالبية المشاركين (71.5%، 165 مشاركًا) يرون أن الأنظمة الحالية إما ضعيفة أو مقبولة فقط، مما يعكس تحديات كبيرة في كفاءة وفعالية الأنظمة المتبعة. هذا يبرز الحاجة الملحة لتحسين نظام الاهتمام وعلاج المرضى بناءً على خطورة حالتهم الصحية.
حول التحديات الرئيسية
استنادًا إلى نتائج الاستبيان، تم تحديد العوائق الرئيسية التي تعترض تطبيق نظام فرز فعال للمرضى في المنشآت الصحية بسوريا كما يلي:
- نقص البروتوكولات الواضحة (29.3%، 67 مشاركًا):
غياب إرشادات موحدة وواضحة يؤدي إلى عدم الاتساق في تنفيذ عمليات الفرز، مما يعيق الكفاءة. - نقص االكوادر المؤهلة (26.2%، 60 مشاركًا):
محدودية عدد العاملين المدربين تقلل من قدرة المنشآت الصحية على إجراء الفرز بفعالية وسرعة. - ضغط العمل العالي (24.5%، 56 مشاركًا):
يؤثر الضغط الشديد على الطواقم الطبية سلبًا على جودة ودقة عملية الفرز. - نقص التدريب (10.5%، 24 مشاركًا):
أفاد 20.5% (47 مشاركًا) فقط بأنهم تلقوا تدريبًا رسميًا على نظام فرز المرضى, 21 مشاركاً منهم (44.68%) ممن يعملون في المراكز الصحية الخاصة، مما يكشف عن فجوة كبيرة في التأهيل المهني. - تحديات أخرى:
أشار بعض المشاركين إلى وجود عقبات غير طبية أيضاً، مثل تدخل المرافقين المسلحين أو الضغوط الإدارية (مثل التوصيات بإعطاء الأولوية لبعض المرضى)، مما يعرقل تحقيق العدالة والكفاءة في عملية فرز المرضى. (صورة 1)
حول الاعتقاد بتحسين الخدمة
- أعرب 93.9% من المشاركين (215 من أصل 230) عن اعتقادهم بأن تطبيق أو تحسين نظام فرز المرضى سيؤدي إلى تحسين جودة الخدمة المقدمة للمرضى. هذا الإجماع القوي يدعم الحاجة إلى استثمار في تحسين أنظمة الفرز.
حول أهم العوامل لتطبيق نظام فرز المرضى وفق آراء العاملين في الوسط الصحي في سوريا
- تدريب الكوادر الطبية (41.5%، 95 مشاركًا):
أكد غالبية المشاركين على أهمية تنفيذ برامج تدريبية للأطباء والممرضين لرفع كفاءتهم في إدارة عمليات فرز المرضى. - وجود بروتوكول معتمد (34.9%، 80 مشاركًا):
شدد المشاركون على ضرورة وضع إرشادات واضحة وموحدة لضمان تنفيذ عملية فرز المرضى بفعالية ودقة. - تجهيز مكان مخصص للفرز (18.8%، 42 مشاركًا):
أشار المشاركون إلى أهمية توفير مساحات مجهزة بالمعدات اللازمة لتسهيل إجراءات فرز المرضى. - توعية المرضى وذويهم:
اقترح المشاركون تعزيز التوعية بين المرضى وذويهم لضمان تعاونهم مع عملية فرز المرضى وتحسين سير العمل. - زيادة عدد الكوادر الطبية:
أكد المشاركون على الحاجة إلى زيادة عدد العاملين المؤهلين لتخفيف الضغط وتحسين جودة الخدمات (صورة 2).
تجارب تطبيق نظام فرز المرضى في أقسام الطوارئ في دول تسعى لتعزيز نظامها الصحي/الاقتصادي بعد النزاعات
أظهرت تجارب العديد من الدول التي قامت بتطبيق نظم فرز المرضى في أقسام الطوارئ، وخصوصًا في الدول خلال مراحل التطور أو الخارجة من الصراعات، تحسنًا ملحوظًا في مؤشرات أداءالقطاع الصحي، مثل تقليل أوقات انتظار المرضى للمعاينة ، وتحسين كفاءة توزيع الموارد، وفي بعض الحالات، انخفاض معدلات الوفيات [4, 5, 8-11]. وتشمل خطوات البدء في تنفيذ هذه الأنظمة غالبًا تكييف أدوات الفرز المعتمدة عالميًا (مثل مقياس الفرز الجنوب أفريقي SATS أو أداة الفرز المتكاملة بين الوكالات IITT) لتتناسب مع السياق المحلي، بالإضافة إلى تدريب الكوادر الصحية ودمج النظام ضمن سير العمل السريري [5, 8, 9].
في الدول الخارجة من الحرب أو ذات الموارد المحدودة، مثل ليبيريا وبابوا غينيا الجديدة، بدأ إدخال نظام فرز المرضى غالبًا من خلال جلسات تدريبية قصيرة ومركزة لجميع العاملين في قسم الطوارئ، وكان ذلك مدعومًا بمواد مرجعية مبسطة وإشراف مباشر من قبل أطباء طوارئ ذوي خبرة. فعلى سبيل المثال، شمل التنفيذ في هاتين الدولتين جلسات تعليمية موجزة، واستخدام مخططات انسيابية، ودعمًا مستمرًا من خبراء محليين ودوليين في طب الطوارئ. كما تم اختيار “روّاد محليين” لقيادة واستدامة العملية، وإنشاء نظم لجمع البيانات بهدف مراقبة الأداء والنتائج السريرية [8, 9]. وقد أظهرت هذه الأساليب فعالية وقبولًا حتى في ظل ضعف الموارد والبنية التحتية، وأسهمت في تحسينات مستدامة في جودة خدمات الطوارئ.
وفي المقابل، تُظهر تجارب دول مستقرة ذات أنظمة صحية أكثر تطورًا – مثل المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة – تقدمًا ملموسًا في تكامل نظام فرز المرضى ضمن الممارسة السريرية الروتينية، مع التركيز على تحسين الأداء في ظروف السلم والاستقرار. ففي المملكة العربية السعودية، تم اعتماد مقياس الفرز الكندي CTAS في العديد من المستشفيات، وارتبط ذلك بتحسن مؤشرات الأداء مثل تقليل الوقت إلى تقييم الطبيب، وتحسين استخدام الموارد، وتعزيز دقة تصنيف الحالات. وقد أظهرت إحدى الدراسات في أقسام طوارئ الأطفال في منطقة الجوف أن تدريب الطواقم على نظام CTAS أدى إلى تقليل وقت الانتظار وتحسين ارتباط مستوى الفرز بخطوات الرعاية [4]. كما تشير بيانات وطنية إلى أن مستوى الفرز يعد مؤشرًا قويًا على طول الإقامة في قسم الطوارئ، وسير تدفق المرضى، والنتائج السريرية.
أما في دولة الإمارات العربية المتحدة، فقد اعتمدت مستشفيات كبرى، خصوصًا في أبوظبي ودبي، أنظمة فرز تعتمد على CTAS أو أدوات مشابهة، مدعومة بأنظمة معلوماتية رقمية وتدريب مستمر للكوادر. وتبرز التجربة الإماراتية في قدرتها على تحقيق كفاءة عالية في تقديم الخدمة وتقليص أوقات الانتظار وتعزيز جودة اتخاذ القرار السريري، ضمن بيئة صحية مستقرة ومتقدمة تقنيًا.
الحل المقترح
يقترح التقرير تأسيس وتطبيق نظام فرزمرضى موحد في أقسام الطوارئ بالمستشفيات التعليمية والعامة التابعة لوزارة الصحة، بما يتماشى مع المعايير العالمية، ويُراعي خصوصية السياق الصحي في سوريا. يأتي هذا المشروع في سياق الحاجة الملحّة إلى تحسين جودة الرعاية في أقسام الطوارئ، وتنظيم تدفق المرضى، وضمان تقديم الخدمات الصحية وفقًا لأولويات الحالة السريرية، خصوصًا في ظل التحديات المستمرة التي تواجه النظام الصحي السوري بعد سنوات من النزاع [6, 7].
آلية التنفيذ المقترحة لتطبيق نظام فرز المرضى في سوريا
بهدف ضمان تطبيق فعال ومستدام لنظام فرز المرضى في أقسام الطوارئ، يُقترح اعتماد خطة تنفيذية متعددة المراحل، بإشراف مباشر من وزارة الصحة ووزارة التعليم العالي، بالتعاون مع مجلس استشاري وطني يضم خبراء في طب الطوارئ والتعليم الطبي ونظم الجودة الصحية. وتتضمن الآلية ما يلي:
أولًا: اختيار المرافق الصحية كنقطة انطلاق
يتم تحديد عدد من المستشفيات التعليمية والمرافق الصحية النموذجية كبداية لتطبيق النظام، مع الأخذ بعين الاعتبار:
- الجاهزية الإدارية والبنية التحتية.
- توفر الكوادر الطبية القابلة للتدريب.
- حجم واستمرارية استقبال المرضى في قسم الطوارئ.
ثانيًا: التدريب وبناء القدرات
تنظيم برامج تدريبية شاملة تستهدف مختلف فئات العاملين في المرافق الصحية، بما في ذلك الأطباء، الكوادر التمريضية، المسعفين، وموظفي الاستقبال، مع إمكانية إشراك فئات أخرى ذات صلة عند الحاجة.
يشمل التدريب مهارات فرز المرضى، إدارة تدفق العمل في أقسام الطوارئ، أسس التواصل الفعّال مع المرضى وذويهم، واستخدام النظم التقنية الداعمة.
يمكن تنفيذ التدريب من خلال ورش عمل، محاكاة ميدانية، ودورات تعليم إلكتروني، بالتعاون مع المؤسسات الأكاديمية والمهنية المحلية والدولية.
كما يمكن للمجلس العلمي السوري، في حال طلبت وزارة الصحة، تقديم الدعم الفني والإشراف الأكاديمي على تصميم وتنفيذ البرامج التدريبية لضمان الجودة والاستمرارية.
ثالثًا: تقسيم الخطة على مراحل زمنية
- المرحلة الأولى (أشهر 1–3): إعداد بروتوكول، تدريب المدربين، واختيار المرافق. تحديد النظام المتبع بعد الموافقة من وزارة الصحة ووزارة التعليم العالي.
- المرحلة الثانية (أشهر 4–6): البدء بالتطبيق التجريبي في المستشفيات النموذجية مع جمع البيانات ومتابعة الأداء.
- المرحلة الثالثة (أشهر 7–12): التوسع التدريجي إلى مرافق إضافية، تحديث الأدلة التدريبية، وتقييم الأثر.
- المرحلة الرابعة (بعد سنة): التقييم الوطني، إدماج النظام ضمن السياسات الصحية والتعليمية، والتخطيط للاستدامة.
رابعًا: التعاون المؤسسي
يعتمد تنفيذ المشروع على شراكة فعالة بين وزارة الصحة ووزارة التعليم العالي لضمان:
- التكامل بين النظام السريري والتدريب الأكاديمي.
- دعم البنية التحتية وتوفير الموارد.
- المتابعة الإدارية والتشريعية لضمان ديمومة النظام على المستوى الوطني.
خامسًا توعية الجمهور
يقترح إطلاق حملة تثقيفية وإعلامية موجهة للجمهور لشرح نظام فرز المرضى ودوره في إنقاذ الأرواح من خلال إعطاء الأولوية للحالات الأشد خطورة، إضافة إلى تعزيز تقبّل مبدأ الانتظار للحالات غير الطارئة وفق زمن التقييم الطبي. وتتضمن الحملة نشر رسائل توعية عبر اللوحات الإرشادية في أقسام الطوارئ، ووسائل الإعلام التقليدية مثل التلفزيون والإذاعة، والمنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي، فضلًا عن النشرات والكتيبات في المرافق الصحية.
الجدوى الاقتصادية والفوائد المتوقعة من تطبيق نظام فرز المرضى في أقسام الطوارئ:
تقرير عن الجدوى الاقتصادية لتطبيق نظام فرز المرضى في أقسام الطوارئ
تشير الأدبيات المتاحة إلى أن تطبيق نظام فرز المرضى في أقسام الطوارئ بالبلدان منخفضة ومتوسطة الدخل له فوائد صحية واقتصادية ملموسة، رغم محدودية الدراسات الاقتصادية المباشرة التي تركز فقط على الفرز.
الفوائد المتوقعة:
أظهرت الدراسات من نوع “قبل–بعد” في أقسام الطوارئ بهذه البلدان انخفاضًا مستمرًا في معدلات الوفيات داخل قسم الطوارئ، بالإضافة إلى تقليص زمن الوصول إلى تقييم الطبيب بعد تطبيق نظام الفرز. هذه النتائج تؤدي عادةً إلى تحقيق وفورات في التكاليف على المدى الطويل من خلال الوقاية من الوفيات والمضاعفات. كما أظهرت مقاييس الفرز المعتمدة صلاحية تتراوح بين المتوسطة والجيدة في تحديد المرضى ذوي الأولوية القصوى، مما يدعم استخدامها لتوجيه الموارد المحدودة بكفاءة، وهو شرط أساسي لتحقيق الفائدة الاقتصادي [12].
الجدوى الاقتصادية والتكلفة:
أكثر البيانات الملموسة حول التكاليف تأتي من تجربة أوغندا، حيث تم تنفيذ حزمة شاملة لتعزيز الرعاية الطارئة تضمنت أداة فرز صريحة. استلزم هذا المشروع استثمارًا أوليًا قدره 5,873 دولارًا في مستشفيين إقليميين، وكان موفرًا للتكلفة مع نسبة فعالية-تكلفة إضافية سالبة، ما يعني توفيرًا في التكاليف مقارنة بالفوائد الصحية المحققة. كما قُدّر أن التوسع على المستوى الوطني خلال خمس سنوات سيكلف نحو 4.56 مليون دولار، وهو ما يمثل حوالي 0.09% من ميزانية الصحة الوطنية في أوغندا، مع عائد استثماري متوقع بنسبة 655%. على الرغم من أن هذه الحزمة تضم الفرز إلى جانب التدريب وأدوات أخرى، إلا أنها توفر تقديرًا تقريبيًا لحجم تكاليف التنفيذ التي تشمل الفرز ولجدواها الاقتصادية. [12-13-14]
الثغرات والأدلة الحالية:
تشير المراجعات المنهجية إلى وجود فجوة كبيرة في الأدلة المتعلقة بتحليل فعالية التكلفة لنظام الفرز كإجراء مستقل، حيث أن معظم التقييمات تركز على فوائد تقليل الوفيات وتحسين العمليات دون تقديم تحليل مفصل للتكاليف، أو تتناول حزم رعاية طارئة أوسع تشمل الفرز. ومع ذلك، فإن نتائج دراسات “قبل–بعد” المتكررة التي تظهر انخفاض وفيات أقسام الطوارئ وتقليص زمن الوصول إلى تقييم الطبيب تشير إلى وجود وفورات محتملة في التكاليف المستقبلية من خلال تقليل الوفيات والمضاعفات. [12-13-14]
التحديات المحتملة في تطبيق نظام فرز المرضى في سوريا
رغم الفوائد الكبيرة المتوقعة من تطبيق نظام فرز المرضى في أقسام الطوارئ، إلا أن هناك عددًا من التحديات المحتملة التي يجب أخذها بعين الاعتبار أثناء التخطيط والتنفيذ، خاصة في ظل الواقع الصحي الراهن في سورية:
- التحديات المتعلقة بالبنية التحتية: محدودية المساحات المخصصة لفرز المرضى في العديد من المستشفيات، ونقص في التجهيزات الأساسية مثل أجهزة قياس العلامات الحيوية، وأسرة التقييم الأولي، ومعدات التسجيل الطبي.
- نقص الكوادر المدرّبة: تفاوت مستويات المعرفة السريرية والمهارات بين الكوادر الطبية والتمريضية، خاصة في المناطق الطرفية، والحاجة إلى تدريب عدد كبير من العاملين بسرعة لضمان التغطية الشاملة لنظام فرز المرضى.
- مقاومة التغيير التنظيمي: احتمال وجود تحفظ أو تردد من بعض العاملين الصحيين تجاه تطبيق أنظمة جديدة أو تغيير أساليب العمل المعتادة، وغياب ثقافة الفرز كممارسة تنظيمية موحدة على المستوى الوطني.
- غياب نظام صحي رقمي: عدم وجود نظام معلومات صحية إلكتروني يدعم توثيق بيانات الفرز أو متابعة مؤشرات الأداء بشكل منهجي، والاعتماد الكامل على النماذج الورقية قد يحدّ من قدرة التحليل والتقييم المستمر.
- محدودية الموارد والدعم اللوجستي: ضعف التمويل المخصص لتحديث المرافق أو شراء لوازم الفرز، والحاجة إلى دعم تقني وفني مستدام لضمان نجاح النظام بعد إطلاقه.
- تحديات متعلقة بالسياق ما بعد النزاع: تفاوت كبير في مستوى التعافي الصحي من منطقة إلى أخرى، وبعض المرافق لا تزال تعاني من آثار دمار أو نقص حاد في القوى العاملة، مما يصعّب التعميم السريع [6, 7].
التوصيات النهائية:
بناءً على مراجعة الأدبيات الدولية والإقليمية، وتحليل واقع النظام الصحي السوري، باستخدام نتائج الدراسه التي صممها ووزعها أعضاء من المجلس العلمي السوري على موظفي القطاع الصحي في سورية نوصي الجهات المعنية بما يلي:
- اعتماد نظام فرز مرضى وطني موحد: تبنّي أحد نظم الفرز المعترف بها دوليًا (مثل SATS أو CTAS) وتكييفه بما يتناسب مع السياق السوري من حيث الموارد، أعداد المرضى، والبنية التحتية، وإصدار دليل وطني للفرز يُعتمد في جميع المرافق الصحية التعليمية والعامة. [15]
- تشكيل مجلس استشاري وطني: يضم ممثلين عن وزارة الصحة، وزارة التعليم العالي، المستشفيات التعليمية، وجمعيات مهنية مختصة، ويتولى الإشراف على عملية التنفيذ، التدريب، والمتابعة المرحلية. [2].
- اختيار مرافق تجريبية للمرحلة الأولى: تحديد 3–5 مستشفيات تعليمية كنماذج أولية لتطبيق النظام وتقييم نتائجه، وتهيئة هذه المرافق لاحتضان التدريب العملي والاختبار الميداني للنظام. [4].
- تصميم برامج تدريبية عملية: تطوير محتوى تدريبي عملي مبسط يشمل مفاهيم الفرز، آلية استخدام الأداة، ومحاكاة لحالات سريرية، وتدريب المدربين المحليين لضمان الاستدامة والتوسع التدريجي. [2]
- الاعتماد على الأدوات الورقية كمرحلة أولى: نظرًا لغياب نظام صحي رقمي، يتم تطبيق النظام باستخدام نماذج ورقية موحّدة مع آلية توثيق واضحة، وفي مرحلة لاحقة، يتم التحضير لدمج النظام ضمن أي مبادرة رقمية وطنية مستقبلية. [2-4]
- تطوير نظام متابعة وتقييم دوري: وضع مؤشرات أداء رئيسية (KPIs) مثل وقت الوصول للطبيب، معدل الفرز الناقص، ومعدل التحويل إلى العناية المركزة، ومراجعة دورية للبيانات من قبل المجلس الاستشاري وتقديم توصيات تصحيحية حسب الحاجة. [4]
- تعزيز التعاون المؤسسي: تعزيز الشراكة بين وزارة الصحة ووزارة التعليم العالي لضمان دمج الفرز في التعليم الطبي والتطبيق السريري، ودعوة المنظمات الصحية الدولية لدعم فني وتقني مرحلي عند الحاجة. [4]
المؤلفون:
د. علا جراد
د. نور هاشم شبلّوط
د. سامر محسن
د. دانة شربجي
عمر العمر
د. أنس العمر
د. مازن بصبوص
د. محمد أبو رشيد
التدقيق العلمي:
د. غزل الحموي
التدقيق اللغوي:
عدنان عبد الله